المرج..
أخيرا رصيف المترو في هذا اليوم
العجيب !
أصلُ إلي رصيف المترو كأنما وصلتُ
إلي منتهي آمالي أخيرا...
منذ متي و المترو يبهجني هكذا؟ !!
يوم غريب الأطوار فعلا.. !
و أنا أيضا عجيب.. غير منطقي..و لا
أفهمني !
راحة تغمرني إذ أجلسُ علي رصيف
المترو.. و لا أدري لها أي سبب حقا.. !
أما قلتُ أنني لا أفهمني هذا
اليوم!!؟
لا أدري فيم رجوعي باكرا هكذا إلي
البيت؟؟
هذا قطعا سيثير القلق في نفس أمي!..
تبا..
سواء أعدتُ باكرا أم متأخرا...
فكلاهما مقلقٌ لها !
لكن لا طاقةَ بي لاحتمال الكلية أكثر
من هذا بأي حال...
حقا لا أحتملُ مجرد التفكير فيها
فكيف إذن سأتخرجُ فيها؟ !!!
لا أعرف حقا لماذا رؤيتي مغبشة.. و
شبه معتمة في أمر الكلية بهذا الشكل...؟
رؤية ضبابية كما ينبغي لها أن تكون!
يااالله... أليس من منتهي لكل هذا
العبث؟
أنا لا أكره كليتي و لا أهيمُ بها
كذلك؟
لكني كنتُ منتظما في دراستي فيها...
و بدأت اشعر بألفةٍ ما للمكان و الدراسة... لكني الآن لا أطيق حتي مجرد التفكير
بها!
لمَ لا أحاول تحملها حتي أنتهي منها
و كفي!؟؟
جالسٌ علي رصيف المترو .. أحاول
الاسترخاء .. و البعد قدر المستطاع عن التفكير في الكلية..
أفكرُ فيما هو آتٍ من.. من... من
الأيام.. منيّ !
لا أدري أيضا... و لا أعرف شيئا عن
حياتي!
أحاول أن استجمعني.. أعودُ واحدا
مكتملا يعرف ما يريد.. يعرف كيف يصل إلي ما يريد..
واحدا يعرف علي الأقل شئيا أو اثنين
عن ذاته.. عما هو قادم من الأيام..
يعرف حتي و لو ملامح مبهمة لما سيكونه.. أو لما يريد أن يكونه!
يعرف حتي و لو ملامح مبهمة لما سيكونه.. أو لما يريد أن يكونه!
لا واحدا لا يعرف شيئا علي الإطلاق
هكذا!
أحسُّ بأنني أسبح في المهلبية تماما!
أغمضُ عينيي في محاولةٍ ما للانعزال
عن العالم الصاخب من حولي...
يرتفع صوت "بلاك تيما" في
أذني.. يرفعُ معه شيئا ما لا أعرفه في داخلي...
" مصوا دمه و داري همه ف
بنطلونه الجينز الأزرق.."
أزرق!
فقط الآن استرخي كما لم أفعل من قبل
في المترو...
فقط الآن أدركُ أنني علي رصيف المرج!
جالسٌ علي رصيف المترو باسترخاء..أول
مرة استرخي في المترو الكريه..
ربما استشعر فتاتي الزرقاء إذ أجلسُ
علي رصيفها.. رصيف المرج.
فتاتي الزرقاء..؟؟ قد صارت فتاتي
إذن!
و قد اعتبرتُ أن رصيف المرج..
رصيفها.. خاصتها.. و أنا ضيفها عليه !
لا بد أنني حقا غريب الأطوار.. و غير
مفهوم كذلك!
فليكن.. إذن فرصيف حلوان رصيفي... و
هي ضيفتي الخاصة جدا.. عند رجوعها .
و لكن ماذا إذا كانتْ تعود بغير
المترو.. و لا تقف علي رصيفي ؟!
و بهذا لا تكون ضيفتي فوق العادة علي
رصيفي!
لا ... لا
لا يمكنني استيعاب تلك الفكرة..
هي حتما تعود بالمترو كما تذهب به كل
صباح!
هي ضيفتي الخاصة جدا علي رصيف حلوان
عند رجوعها
حقا قد أصبحتُ عجيبا.. وغير منطقي
أيضا..
فلتعد كيفما أرادتْ.. ما شأني أنا؟؟
لا ... هي حتما تعود بالمترو..أثقُ
بهذا و لا أعرف لماذا..
و لا أريدُ أن أعرف لماذا.. لا يهم.. هي تفعلُ هذا و كفي!
و لا أريدُ أن أعرف لماذا.. لا يهم.. هي تفعلُ هذا و كفي!
حقا لا أفهمني.. !
أجادُلني علي كيفية عودة فتاة الأزرق
و أنا لا أعرفها أصلا..
تري هل سأراها اليوم؟
هل سأراها مجددا.. !؟
لماذا أنتعشُ هكذا بمجرد أن أفكر
فيها؟؟
انتعاش الأزرق البهي.. فعلا حضورها
واضحٌ جدا.. حتي و هي غير موجودة حاضرة!
أي فتاةٍ هذه؟
أي روحٍ سكنتْ هذا الجسد الصغير؟
أي روحٍ سكنتْ هذا الجسد الصغير؟
أتمني بكل ما فيّ أن أراها كثيرا..
كل يومٍ ربما..
ربما وقتها سأذهب إلي كليتي.. فقط
لأنعم برؤية العينين كل صباح!
أنا حقا غير مفهوم.. و هذا يغيظُني..
فتاة لا أذكرُ منها إلا أزرقها و
عينيها.. فيمَ تفكيري و فرحتي هذه؟؟
يرحل القطار اللعين و أنا جالسٌ علي
الرصيف مستغرق في ذكري الأزرق..
أتأمل الرصيف المقابل.. و القطار
بجواره يلقي ما بجوفه من الراحلين دوما..
أتأمل الراحلين المهرولين دوما...
أبتسم في سري عليهم.. مساكين!
رأيتها... أراها بوضوح.. رغم أنها لا
ترتدي أزرقها!
فقط الآن أشكرُ خروجي إلي هذه المحطة
رغم أنفي مع الخارجين من المترو!
أراها بكامل حضورها ع الرصيف
المقابل...رصيفي.. رصيف حلوان..
أضبط نفسي أضحك بأعلي مما ينبغي...
يظن من حولي بعقلي الظنون..
أضبط نفسي أصفق بكفي فرحا برؤيتها.. !
أضبط نفسي أصفق بكفي فرحا برؤيتها.. !
ليتها تبصرني.. أفرحُ كثيرا...
استمرئ شعورا بالفرح يتسلل إلي أنحائي.. الآن صار لجلوسي علي رصيف المترو معانٍ أخري...
أتأملها كثيرا.. لا يمكنني أن أصرف بصري عنها! ...
استمرئ شعورا بالفرح يتسلل إلي أنحائي.. الآن صار لجلوسي علي رصيف المترو معانٍ أخري...
أتأملها كثيرا.. لا يمكنني أن أصرف بصري عنها! ...
هي لا تراني.. تنظرُ أمامها.. دون أن
تطرف عيناها الواسعتان!
ياااالله ... عينان فيهما كل
الروح... عينان شفافتان.. قادرٌ أنا علي رؤية ما بداخلها !
فقط لو أراني في عينيها!
جلستْ علي الرصيف المقابل... تري و
لا تري... هي ناظرةٌ أمامها.. لكنها تبصر شيئا ما في عالمٍ أخر!
في عينيها حزنٌ شفيف!
زادها صمتها حضورا... !
جلستْ و ليس في أذنيها سماعةٌ أو في
يديها كتابٌ ما كما رأيتها أول مرة...
تبدو ذاهلة عما حولها..
كلما رأيتها شعرتُ أنها خارج الزمان
و المكان الآن!
تنتمي لزمانٍ و مكانٍ آخرين... آتيةُ
منهما !
أنظرها مليا.. عادية.. ليست تخطف
الأبصار بجمالها.. و ليست دميمة..
لكنها مريحة!
لكنها حاضرةٌ جدا.. حقيقيةٌ هذه الفتاة!
لكنها مريحة!
لكنها حاضرةٌ جدا.. حقيقيةٌ هذه الفتاة!
جلستْ طويلا علي هذه الحالة.. بين
قطار آتٍ و آخر راحل يعوقني عن رؤيتها.. لكنها لم تتحرك.. كأنها تمثال من رخام!
بين قطار و قطار همستْ الفتاة
بجوارها بشئ ما.. جاوبتها بغير انفعال علي وجهها.. ثم لم تلبث أن قامتْ و جلست
موليةً ظهرها إلي رصيف المترو و قطاراته!
ا..ل..ل..ع..ن..ة !
تبا !
ما الذي همستْ به إليها فغيرت جلستها
هكذا؟
أودُّ لو أخنق تلك الفتاة السيئة !
لم حرمتني هذا الحضور؟
تبا.. لا أري سوي رأس فتاتي
الزرقاء... تبدو ناظرةً إلي السماء.. أو إلي البيوت حول المحطة !
البيوت حول المحطة كبيتي... كئيبة..
مغبرة الألوان.. شرفاتها لا تدل علي الحياة أصلا!
هذا سيزيدها حزنا.. !
هذا سيزيدها حزنا.. !
أعرفُ جيدا تأثير واجهات البيوت و
الشرفات الميتة هذه جيدا...
روحها الشفافة ربما لا تتحمل هذه
الشرفات الميتة أصلا!
تراها تفكر بساكني هذه البيوت
الحائلة الألوان؟
تراها تفكر بي؟
هي لا تعرفني.. كيف لا تعرفني؟
أنا أسكن ببيت كهذه البيوت.. فكري بي
من فضلك..
فكري بي أرجوكِ!
أنا أقضي عمري في شرفة مميتة كهذه
الشرفات!
لم تزل علي جمود حركتها... رأسها
الصغير معلق في البيوت و الشرفات !
لا تتحرك!
يااالله ما بها؟
ما الذي أذاها هكذا؟
لم كل هذا الحزن حولها و في عينيها؟
رحلت الفتاة السيئة مع القطار
الراحل... فلتذهب إلي الجحيم!
هيا يا صغيرتي.. هيا عودي إلي
رصيفي..
عودي إليّ..
تعالي أخبريني فيمَ حزنك..؟
هيا عودي إلي مكانك علي رصيفي .. !
عادتْ بالفعل إلي جلستها الأولي!
أنا رجلٌ خارق !
عادتْ إلي مكانها الأول.. في يديها
روايةٍ ما.. غير التي كانت في المرة الأولي..
تبدأ في القراءة.. تقرأ بكل حواسها..
أكاد أقسمُ انها ليست علي الرصيف.. هي في صفحات الرواية !
أكاد أقسمُ انها ليست علي الرصيف.. هي في صفحات الرواية !
ترفعُ عينيها عن الكتاب.. و تنظر
أمامها بجمود.. تري و لا تري أيضا..
عيناها مليئتان بالدموع!
لا ... لا أريدك باكية يا صغيرة !
تكملُ قراءتها بعد حين.. لا زالتْ
تبكي...!
تغلقُ الرواية تماما!
تغلقُ الرواية تماما!
هل سترحل الآن؟
لا ... أرجوكِ لا ..
لا ... أرجوكِ لا ..
ليس الآن.. أرجوكِ.. ابقِ قليلا..
تقفُ علي الرصيف... تنظر إلي الملعون القادم ملتويا من بعيد!
سترحل!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تقفُ علي الرصيف... تنظر إلي الملعون القادم ملتويا من بعيد!
سترحل!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حلوان...
و هكذا أراني بعيني الواسعتين أعبر
الشارع..
فتاةٌ صغيرة تعبر الشارع الواسع وسط
الزحمة.. يالها من شجاعة!
خطواتي الواسعة تقترب بي من المترو..
كأنما ألوذُ به..
أراني!
نعم.. أراني بكل وضوح.. أشعر بتجرد
عجيب عن... عنيّ
كما لو كنت انفصلتُ عنيّ و أنا لم
أعرف بعد!
أراني و أنا أمشي.. انظر دوما
أمامي.. أنظر أمامي و إلي الناس حولي..
أنظر فقط...
أري .. و لا أري!
أري .. و لا أري!
في رأسي دوما ما يفصلني عن الماشيين
حولي.. عن السيارات..عن المترو
ما يفصلني عن كل شئ.. حتي عنيّ أنا
نفسي!
في رأسي دوما تطّنُ فكرةٌ ما .. ربما
أفكارٌ متداخلة.. و لا علاقة لها ببعض !
فقرةٌ من قصةٍ ما..
شخصيةٌ ما عرفتها في كتابٍ ما...
مشهدٌ من فيلمٍ ما رأيته و ما نسيته
..
أبياتُ شعر..
أغنيةٌ ما.. غالبا ما تكون لفيروز..
لولدها.. ربما بلاك تيما احيانا!
دوما هناك ما يملأ رأسي المثقل
بالضلالات !
ربما اختلف بحسب حالتي المزاجية ...
لكنه دوما موجود كنحلة نشيطة.. لا تمل من العمل .. و من الطنين !
فقط لو أعرفُ لما فارقتُ عملي مبكرا
هكذا؟
لم فارقتُه مسرعةً كأنما أخرجُ من
جهنم!؟؟
ما أسعدني في يومي شئ إلا لحظة خروجي
من العمل.. حتي الصباح لم يسعدني اليوم!
فقط لحظة خروجي شعرتُ أني أتنفس..
نعم.. هذا شهيق..ش..ه..ي...ق
و هذا زفير...زفييييييييييييير !
ربما كنتُ لا أتنفسُ في العمل !
ربما كنتُ ميتةً اليوم !
لكن لمَ خرجتُ مبكرا؟؟
حقا لا أعرف !
ليس لدي أي عذر..
لم أخطط أن أزور صديقة ما..
ليس في نيتي كذلك شراء شيئا ما...
كذلك ليس في نيتي التجوال في وسط
البلد دون أي أهداف واضحة لتواجدي هناك...رغم أنه يبدو حلا رائعا لهذا اللاشئ
الواقعة فيه هذه الأيام.. !
حالةُ هلامية جدا... عقلي ملئ
بالضباب... و ليس ثمةَ ملامح لأي شئ.. أو لأي شخص !
حتي تصرفاتي أنا.. لا يمكنني فهمها!
خرجتُ فقط.. و سأجلسُ علي رصيف
المترو إلي أجلٍ غير مسمي!
ربما أقرأ ف روايتي الجديدة... لكني
علي الأرجح لن أفعل أي شئ.. فقط سأجلسُ مستسلمة للاشئ!
تبااا لكل هذا الوقت المهدر..
أغتاظُ أكثر منيّ.. ازدادُ حنقا علي نفسي قبل العالم من حولي!
أغتاظُ أكثر منيّ.. ازدادُ حنقا علي نفسي قبل العالم من حولي!
أنا من يفعلُ هذا بي.. و لا يسعني أن
أتوقف الآن !
أنا في حالة من الحياة بدافع القصور
الذاتي!
" القصور الذاتي" !!!!!
لا... لا ...
حالتي لا تسمح بالفيزياء الآن... لا
تسمح بها إطلاقا!
أنا موشكة علي اكتئابٍ ما... و ليس
بي حتي رغبة لتغيير هذا الوضع!
سأكتئب.. أعلم أني سأفعلها !
سأتشاجر مع كل من يحاول أن يخرجني عن
عزلتي... أود لو أنعزل في بالونة شفافة عن العالم كله... وحدي في البالونة.. فقط
خذوني منيّ قبل أن تغلقوا فوهة البالونة عليّ... نعم خذوني منيّ.. أنا لا أتحملني!
لا يمكنني البقاء معي طويلا...
صدقوني..
جربتُ هذا من قبل... و فشلتُ فشلا
مبهرا!
أخطو إلي رصيف المترو..
أنظرُ إلي القطار القادم في بداية
منحني الرصيف.. ثم أجلس وحدي علي الرصيف حين يهرول الراحلون دوما في استقبال
القادم !
أجلسُ و لا أفعل شيئا إطلاقا!
حتي روايتي الجديدة التي طالما خططتُ
لقراءتها..و أظنها ممتعة.. لم أخرجها من حقيبتي حتي!
ليس في أذني شئ أسمعه كالمعتاد...
أنا فعلا فقدتُ رغبتي في الحياة...
حتي التوحد مع ما كنتُ أسمعه ثم التلاشي من دنيا الواقع هذه... لا رغبة بي لأي
شئ..
فقط أودُّ لو أبقي هكذا جامدةً بلا
حركة أبدا!
أكرهني حد الجنون... حد النفي ...
أريدُ أن أنفيني !
النفي يبدو حلا معقولا..
حلٌ لماذا ؟؟
لا أعرف!
لكنه يبدو حلا معقولا فعلا!
!
قطارٌ أخر يرحل كسابقه... و أنا علي
جمودي هذا.. أفعلُ اللاشئ..
أنظرُ أمامي.. أري و لا أري..
حتي السماء.. لم أرفع عينيي مرة
أراها !
قطار أخر يأتي و أنا لا أحركُ
ساكنا..
عندها تسألني الجالسة بجواري.."
هو انتي مش هتركبي المترو و لا إيه؟ "
ا..ل..ل..ع...ن...ة !
ا..ل..ل..ع...ن...ة !
أتمني لو أصرخُ بوجهها" و انتي
مالك؟؟"
لكن كل ما يخرج مني "لا"
فقط.. و بابتسامة صفراء حقا أفارقها لأجلس في المقعد خلفها تماما.. و ظهري للرصيف
و قطاراته.. و راحليه الفضوليين.
لقد أخرجتْ أسوأ ما فيّ هذه الفتاة !
علي كل حال.. انا لا أريدُ أن أراني
في الراحلين دوما !
و لا أريدُ انا أراني مطلقا الآن !
أتأمل الأشجار.. فقط رؤوس الأشجار...
و البنايات حول محطة المترو..
بنايات كئيبة المنظر.. كالحة
الألوان..
مغبرة الشرفات و مغلقة..
لا تطل منها أي روح.. ليس بها نبات
ما حتي و لو صبارا صحراويا!
شرفات كلها تغلفه ستائر كثيفة من
الداخل..
ستائر تحجب نور الشمس.. و الصبح .. و
الحياة كلها!
كيف يتحمل الناس هذا؟؟
كيف يمكن لإنسان أن يحيي في ضوء
صناعي طوال يومه؟
كيف يبقون علي هذه الستائر المميتة و
لا يسمحون لهذا المدي المفتوح حولهم بالدخول إليهم؟؟
و كيف لا يخرجون إليه؟
ربما لو خرجوا إلي شرفاتهم لا يبصرون
إلا أسلاك المترو و قطاراته و قضبانه المملة.. و راحليه الصاخبين دوما..
لا ..
لا ... هذا ممل.. كئيب...
هذه شرفات ميتة..
لا يمكنني تحمل هذه الشرفات.. فكيف
بساكني هذه البنايات.. أصحاب تلك الشرفات؟ !!!
ربما هم يدارونها بهذه الستائر
الكثيفة كي يتناسون أنها هنا !
مساكين أصحاب هذه الشرفات!
لا أريدُ هذا المنظر.. أنظر
خلفي..رحلت الفتاة الفضولية إذن..
أعودُ إلي جلستي الأولي... أخرجُ
روايتي و أبدأ في القراءة... ربما أخرجُ مما أنا فيه..
بداياتها بديعةُ حقا... صفحة.. صفحة
أخري..
تسحبني الصفحات إلي داخلها.. لا أعود
أسمع أو أبصر شيئا مما حولي..
تغيمُ الرؤية في عيوني... ثم تستحيل
فقط لأدرك أنني أبكي...
اللعنة فقد رأيتني إذن في صفحات
الرواية البديعة... لماذا بدأت قراءة..؟؟
لماذا اشتريتها أصلا؟؟
أغلقها قليلا... لعلني أتوقف عن
البكاء...
أبكي .. أبكي بصمت..
لا أري إلا أشباحا في مجال رؤيتي
ينتظرون قطارا ما..
أكملُ القراءة.. و لا يمكنني التوقف
عن البكاء..
لا ... لستُ وحدي حتي و إن كنت
منعزلةُ هكذا..
يجب أن أرحل قبل أن يتحول بكائي إلي
نشيج...
يجب أن أرحل قبل أن أجذب المزيد من
الفضوليات !
أغلقُ الرواية.. و أقفُ أمام السهم..
بانتظار القطار في بداية المنحني..
أقفُ علي السهم تماما.. و أنا أبكي..
و لا أري !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق