الأربعاء، 15 أغسطس 2012

طريق..


و هكذا تراها تضمُّ ركبتيها إلي صدرها.. تحتضنُ ذاتها.. ترتكنُ بكلها إلي النافذة..

تضمُّ ركبتيها.. و تضمُّ معها ذاتها المشتتة... تلملمُ أشتاتها هذي المبعثرة شمالا و جنوبا.. تجتهدُ أن تعود إنسانا مكتملا.. و لو لبضع ساعات..
لا زالتْ مشتتة.. تُفكرُ.. ماذا ينقصُ للاكتمال.. تُجهدُ عقلَها.. فتجيبها الجنية..
" الروح.. الروح يا حمقاء.."
فابتسمتْ... فرحتْ لأنها تلازمها .. لا تفارقها..حتي و إن ظنتْ العكس...
 حمدتْ الله تعالي ف سرها.. فابتسمتْ الجنية أيضا !

الروح.. تتذكرها كأنها فكرةً ما..قديمة كالسماء...

السماء!!..

هو ذا.. تتركُ بابها مواربا لعودة الروح.. فالروح كائنٌ حر.. لا يمكث مالم يعجبه الحال..

"أعطني الناي و غني ... فالغنا سر الوجود..
و أنينُ الناي يبقي .. بعد أن يفني الوجود.. "

و هكذا تراها قد تركتْ كلها لفيروز.. لعل روحها تأتيها عبر بابها الموارب...

تراها و قد شخصتْ ببصرها إلي سماء الطريق.. السماء الوحيدة التي تنتمي إليها.. السماء البكر.. كما خلقها الله تعالي..
تُجهدُ بصرها لتحدد أي النجوم هي نجمتها المفضلة..
أي النجوم هي الزُهْرَة.. رغم أن الغروب قد مضي منذ ساعات..و قد أوغل الليل إلي ما بعد منتصفه.. إلا أنها قلما خسرتْ رهانا تعلق بنجمتها.. أيَّا ما كان الوقت..

لكم تتمني لو تري أول نجمةٍ تلمع من بعد المغيب...
أتعبتْ نفسها كثيرا من شرفتها لتراها.. لكن بلا فائدة... غير أن نُهرتْ لكثرة ترددها علي الشرفة! ...

يناديها من معها في السيارة أن تأكل.. فلا تُجيب أصلا..
تري أنها إن أجابتهم.. انفصلتْ عن توحدها هذا.. و ربما لا تأتيها الروح..لا يمكنها أن تجازف.. هي لا تري حياتها إلا في مثل تلك اللحظات.. لا يهم.. هم سيصمتون بعد حين علي أيّةِ حال..
إما يرجحون نومها.. إما يروون أنها تضع سماعتي الأذن .. فيصمتون

"هل اتخذتَ الغاب مثلي ...
منزلا دون القصور...
 فتتبعتَ السواقي و تسلقتَ الصخور.. "

تبتسم... ياااالله.. لكم تُلخصُ فيروز حكاياها كلها..
لا يوجد ما يعدلُ فيروز عندها.. هي حالةُ بحد ذاتها..
بانحناءات صوتها المتقلب كبحر الشمال..
تبتلعها فيروز حتي تُنسيها نفسها.. فتذكرها بذواتها الكثيرات...
تحمدُ الله علي أن لسانها عربي.. و إلا فقد فاتتْها الروح..

تحدقْ أكثر في السماء.. تري الزُهْرَة بوضوحٍ الآن.. تسألها.. متي سأتخذ الغاب منزلا دون القصور.. ؟؟ متي يا نجمتي سأصبح جارتك؟؟

"هل تحممتَ بعطر..
و تنشفتَ بنور.. "

تتسع ابتسامتها .. فقط لتسأل جنيتها.. كيف يتنشف أحدُهم بنور..
ن..و..ر يا جنيتي.. ياااه لو أجربُ هذا..

" هل جلستَ العصر مثلي..
بين جفناتِ العنب..
و العناقيدُ تدلتْ كثرياتِ الذهب..
وشربتَ الفجر خمرا..
في كؤوسٍ من أثيييييييييير... "
                               
تشردُ بعيدا.. بعيييدا حتي نجمتها... فتجاورها و تسألها.. أما آن لي أن أجلسَ بين جفناتِ العنبِ أنا أيضا؟؟
تودُّ لو أنها ذهبت فجلستْ في كرمٍ ما.. و لو لدقائق في عمرها كله.. فقط مرةً واحدة.. تختبرُ تلك الثريات الذهبية وقت الأصيل.. تُري كيف سيكون كلام فيروز وقتها؟؟
كيف ستكون أعطني الناي وقتها؟؟
تحدثُ نفسها.. ربما من الأفضل أن تظل بعضُ الأحلامِ أحلاما..
ف خيرُ الجمالِ الجمالُ المحتمل علي أيةِ حال.. 

تكادُ تتلاشي من فرط التوحد مع فيروز.. و مع سمائها البعيدة.. تفكرْ.. كيف يكون الأثيرُ كؤوسا...؟؟
حتما ستكون كؤوسا للنشوة القاتلة..
من بوسعه أن يشرب في كأسٍ من أثيرٍ و لا يثمل؟؟
لستُ أنا علي كلٍ.. هكذا تقرر أمام نجمتها...

"هل فرشتَ العشب ليلا..
و تلحفتَ الفضا..
زاهدا فيما سيأتي..
ناسيا ما قد مضااااا...."

تُجهدُ بصرها العليل أصلا لتبصر كوكبة القوس.. هذا أفضل أوقاتها و أوضحها ف السماء...
لا تري.. فقط لو تقف تلك السيارة اللعينة....
لماذا تجري هكذا.. فيم العجلةُ للوصول؟؟..

تتمني لوتغافلهم الآن.. و تهرب.. لتتخذَ الغاب منزلا دون القصور..
ما عليها إن فعلتْ؟؟
لا تري ما يعيبها إن فعلتْ .. أو يعيبهم...

تُركزُ بصرها.. تري كوكبة الجوزاء..
تُركزُ اكثر لعلها تُبصر القوس... تري الثريا..
تدمعُ عيناها من فرط التعب..
تسأل نجمتها.. ما سر ولعي بالقوس دون سواه..؟؟
لماذا دوما القوس.. و لماذا ليستْ كوكبتي أنا حيثُ أنتمي..؟؟
تجيبها النجمة بخبث... أن ديارَ المرء.. ديارُ من أحب..
تلمعُ عيناها أن فهمتْ...
لم أرَ كوكبتي من قبل.. ففيم تعلُقي بها.. هكذا تقنع نفسها.. فتبتسم نجمتها و جنيتها معا...

يخبرونها أن قد وصلنا.. فهيا أفيقي من غفلتكِ هذه..
تتعجبْ.. وصلنا؟؟ سريعا فعلوا.. لكنها لم تصل بعد..

يكررون.. أفيقي.. هيا..
يزداد انكارها لما حولها.. أفيق؟؟.. غفلتي..
أنتم حمقي تثيرون الشفقة... هي يقظتي.. تتمني لو تصرخ بهذا في وجوههم..

تتشبثُ بنجمتها.. أستبقيني إلي جوارك.. نعمَ الجارةُ أنا.. هكذا تقنعها..
تخبرها النجمة أن لم يحن الوقت بعد..

تتمسكُ بجنيتها.. أن ظلي معي.. لا تتركيني .. إن فعلتِ أكونُ في غفلةٍ لا كما يظنون..
تخبرها أن قد آن آوان الرحيل..

" أعطني الناي و غني ..
و أنسي داءا.. و دواه..
إنما الناسُ سطورٌ كُتبتْ ...
لــــــــــــــــــــكــــــــــــــن بـــــــــــمـــــــــاء" 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق